• امروز : پنجشنبه, ۱۳ اردیبهشت , ۱۴۰۳
  • برابر با : Thursday - 2 May - 2024
0
بعث النبي

المبعث النبوی وبزوغ الإسلام

  • کد خبر : 7382
  • 19 بهمن 1402 - 11:20
المبعث النبوی وبزوغ الإسلام

إن یوم المبعث النبوی الشریف یوم عظیم فی تاریخ البشریه، إذ بُعث فیه النبی(ص) برساله الإسلام، وبُعثت ببعثته المبارکه حضاره جدیده فی التاریخ، وحیاه جدیده، وثقافه جدیده، ومجتمع جدید، وأمه جدیده.

حسب موقع رهیافته ( قاعده البیانات الشامله للمسلمین الجدد و المبلّغین و المهتدون)وفی یوم المبعث النبوی الشریف نستذکر بدء النبوه، وتبلیغ الرساله، وولاده الإسلام، وانطلاق مسیره بناء الشخصیه المسلمه، وتغییر ثقافه المجتمع وفق مبادئ وقیم وأخلاق الإسلام، وتغییر حرکه التاریخ کله.

وبعد أن کان المجتمع قبل البعثه یعانی من أمراض الجهل والتخلف والخرافه والأساطیر والأوهام، بعث النبی(ص) بالرساله، معلناً أنه النبی المرسل من قبل الله تعالى للناس، لیبدأ العمل على تزکیه النفوس وتهذیبها، وتعلیم الناس وتربیتها، فجاء مبعوثاً بالقرآن الکریم، ومزکیاً لأنفسهم، ومهذباً لأخلاقهم، وحاملاً مشعل العلم والمعرفه لتنمیه عقولهم، وقد أشار القرآن الحکیم إلى ذلک فی قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِی بَعَثَ فِی الْأُمِّیِّینَ رَسُولًا مِّنْهُمْ یَتْلُو عَلَیْهِمْ آیَاتِهِ وَیُزَکِّیهِمْ وَیُعَلِّمُهُمُ الْکِتَابَ وَالْحِکْمَهَ وَإِن کَانُوا مِن قَبْلُ لَفِی ضَلَالٍ مُّبِینٍ﴾، فبتزکیه النفوس، ونشر العلم والمعرفه تتقدم الأمم، وتتطور المجتمعات الإنسانیه.

وکان النبی(ص) قبل البعثه ونزول الوحی علیه یتعبد فی غار حراء -وهو کهف صغیر فی أعلى جبل النور – ویقع فی الشمال الشرقی من مکه المکرمه على یسار الذاهب إلى عرفات، فکان یخلو بنفسه للعباده والتفکر والتأمل، وینقطع عن عالم المادَّه والمادیات، ویتجه بکل مشاعره وکیانه نحو الله تعالى، وقد روی عنه أنه قال: «إنِّی کُنتُ أوَّلَ مَن آمَنَ بِرَبِّی، و أوَّلَ مَن أجابَ حَیثُ أخَذَ اللّهُ میثاقَ النَّبِیِّینَ‏ و أشهَدَهُم عَلى أنفُسِهِم: أ لَستُ بِرَبِّکُم؟ فَکُنتُ أنا أوَّلَ نَبیٍّ قالَ: بَلى ».

وعندما بلغ النبی(ص) الأربعین من عمره الشریف، أتاه جبرائیل فی غار حراء، لیبلغه بأنه المبعوث إلى البشریه جمعاء برساله الإسلام، فألقى إلیه کلمه الوحی، لتبدأ مرحله جدیده فی حیاه الإنسانیه، وهو القائل: «إنَّما بُعِثتُ فاتِحاً وخاتِماً».

وقد اختاره الله تعالى واصطفاه من شجره الأنبِیاء(علیهم السلام) کما أشار الإمام علیّ(ع) إلى ذلک، – وهو یصف النَّبیِّ(ص) قائلاً: «اختارَهُ مِن شَجَرَهِ الأنبِیاءِ، ومِشکاهِ الضِّیاءِ، وذُؤابَهِ العَلیاءِ، وسُرَّهِ البَطحاءِ، ومَصابیحِ الظُّلمَهِ، ویَنابیعِ الحِکمَهِ».

وکان أوَّل وحی قرآنی نزل بها جبرائیل على محمد(ص) الآیات الخمس الأولى من سوره العلق: ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ * اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّکَ الَّذِی خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّکَ الْأَکْرَمُ * الَّذِی عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ یَعْلَمْ ﴾، وهذا الرأی هو المشهور بین المفسّرین بناء على جمله من الروایات، ومنها ما روی عن الإمام الصادق(ع): «أوّل ما نزل على رسول اللَّه(ص)‏ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ‏* اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّکَ الَّذِی خَلَقَ﴾ وآخره: ﴿إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ‏﴾، وهناک قول آخر بأن أول سوره نزلت على النبی(ص) هی سوره المدثر، وقول ثالث بأنها سوره الفاتحه، لکن الرأی الأول هو الأشهر والأرجح.

وحمل رسول الله(ص) الدعوه إلى الله تعالى، ودعا قومه إلى عباده الله وتوحیده، وترک عباده الأصنام والأوثان، وهی الدعوه التی نادى بها کل الأنبیاء والرسل، کما فی قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِی کُلِّ أُمَّهٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَیْهِ الضَّلالَهُ﴾.

وروی عن الإمام علیّ(ع): «فَبَعَثَ اللّهُ مُحَمَّداً بِالحَقِّ؛ لِیُخرِجَ عِبادَهُ مِن عِبادَهِ الأوثانِ إلى عِبادَتِهِ، ومِن طاعَهِ الشَّیطانِ إلى طاعَتِهِ، بِقُرآنٍ قَد بَیَّنَهُ وأحکَمَهُ، لِیَعلَمَ العِبادُ رَبَّهُم إذ جَهِلوهُ، وَلیُقِرُّوا بِهِ بَعدَ إذ جَحَدوهُ، وَلیُثبِتوهُ بَعدَ إذ أنکَروهُ».

وروی عنه(ع) أنه قال: «إنَّ اللّهَ تَبارَکَ وتَعالى بَعَثَ مُحَمَّداً بِالحَقِّ؛ لِیُخرِجَ عِبادَهُ مِن عِبادَهِ عِبادِهِ إلى عِبادَتِهِ، ومِن عُهودِ عِبادِهِ إلى عُهودِهِ، ومِن طاعَهِ عِبادِهِ إلى طاعَتِهِ، ومِن وَلایَهِ عِبادِهِ إلى وَلایَتِهِ».
المبعث النبوی وبزوغ الإسلام
وبدأ النبی(ص) دعوته سراً لمده ثلاث سنین، وفی الرابعه أعلن دعوته لجمیع الناس، وتحمل فی سبیل ذلک الأذى والآلام، فقد روى ابن سعد فی الطبقات الکبرى: «أقامَ رَسولُ اللّهِ بِمَکَّهَ ثَلاثَ سِنینَ مِن أوَّلِ نُبُوَّتهِ مُستَخفِیاً، ثُمَّ أعلَنَ فِی الرَّابِعَهِ، فَدَعَا النَّاسَ إلَى الإسلامِ عَشرَ سِنینَ … حَتَّى إنَّهُ لَیَسألُ عَنِ القَبائِلِ ومَنازِلِها قَبیلَهً قَبیلَهً ویَقولُ: یا أیُّهَا النّاسُ، قُولوا: لا إلهَ إلَّا اللّهُ تُفلِحوا، وتَملِکوا بِهَا العَرَبَ، وتَذِلَّ لَکُمُ العَجَمُ، وإذا آمَنتُم کُنتُم مُلوکا فِی الجَنَّهِ. وأبو لَهَبٍ وَراءَهُ یَقولُ: لا تُطیعوهُ؛ فَإنَّهُ صابِئٌ کاذِبٌ!».

وقد أوذی النبی(ص) بما لم یؤذ نبی بمثله، وهو ما قاله رسول اللّه(ص): «ما أُوذِیَ أحَدٌ مِثلَ ما أُوذیتُ فِی اللّهِ»، وعنه قال: «ما أُوذِیَ أحَدٌ ما أُوذیتُ»، ولکنه تحمل کل الأذى والألم الذی أصابه من أجل إعلاء کلمه التوحید، وصبر حتى بزغ نور الإسلام، وأخذ فی الانتشار تدریجیاً حتى عمّ الکون کله.

السراج المنیر

بعث النبی(ص) إلى الأمه لیکون شاهداً علیها، فهو شاهد على أعمال العباد، وأعمالهم تعرض علیه، وهو ما أشار إلیه القرآن الکریم فی قوله تعالى: ﴿یَا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاکَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِیرًا﴾، وقد ورد عن الإمام علی(ع): «أرسَلَهُ داعِیا إلَى الحَقِّ وشاهِدا عَلَى الخَلقِ، فَبَلَّغَ رِسالاتِ رَبِّهِ غَیرَ وانٍ ولا مُقَصِّرٍ، وجاهَدَ فِی اللّهِ أعداءَهُ غَیرَ واهِنٍ ولا مُعَذِّرٍ، إمامُ مَنِ اتَّقى، وبصَرُ مَنِ اهتَدى»، وعنه قال: «حَتَّى بَعَثَ اللّهُ مُحَمَّداً شَهیداً وبَشیراً ونَذیراً، خَیرَ البَریَّهِ طِفلًا، وأنجَبَها کَهلًا، وأطهَرَ المُطَهَّرینَ شیمَهً، وأجوَدَ المُستَمطَرینَ دیمَهً».

وهو مبشر للمؤمنین والمحسنین بأن لهم الجزاء الجزیل والسعاده الأبدیه والنعیم الدائم، وهو منذر للکافرین والعاصین بأن عقابهم عسیر، وأنهم من الخاسرین فی یوم القیامه ﴿وَمُبَشِّرًا وَنَذِیرًا﴾، والبشاره والإنذار من الوسائل المهمه فی الدعوه إلى الله سبحانه، فللمؤمنین الجنه وهو ما یحفزهم نحو العمل الصالح ویجلبهم إلى طاعه الله ورسوله لأنه یحقق لهم المنفعه، وللکفار والعاصین النار وهو أداه زجر ونهی مما یدفعهم أیضاً للتفکیر فی دفع المضره عن أنفسهم باتباع الدین وأوامره.

ثم یقول تعالى: ﴿وَدَاعِیًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِیرًا﴾، فالنبی(ص) یدعو إلى الله تعالى لأنه مبعوث ومرسل منه إلى کافه الناس ﴿بِإِذْنِهِ﴾ للتأکید على بعثته ونبوته، وهو سراج منیر﴿وَسِرَاجًا مُّنِیرًا﴾ والسراج هو المصباح المنیر والطارد للظلام، وهذا کنایه عن أن وجود النبی(ص) هو مصباح ینیر للناس طریق الحق والهدایه والصلاح والخیر.

وقد ورد ذکر السراج فی القرآن الکریم فی أربعه مواضع: ثلاثه منها تشیر إلى الشمس، وواحده تشیر إلى النبی(ص)، ومن المعلوم أن الشمس تستمد نورها من داخلها بخلاف القمر الذی یأخذ نوره من الشمس؛ وفی هذا إشاره قرآنیه مهمه إلى أن النبی(ص) هو مصدر النور والضیاء، فهو کالشمس الذی یشع نوره على الجمیع، ویعمّ بضیائه الکائنات؛ فلنقتبس من نوره نوراً، ومن ضیائه ضیاءً، ومن سراجه المنیر شعاعاً مضیئاً!

مسؤولیه المسلم

وبعد أن انتشر الإسلام بجهود رسول الله(ص) وتضحیاته الکبیره فی سبیل إعلاء کلمه الله سبحانه، ونشر الأخلاق والعلم بین الناس؛ فإن مسؤولیه المسلم فی کل زمان ومکان هو حفظ الإسلام، والمساهمه فی نشره والتعریف به، والالتزام به قولاً وفعلاً، والتخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه؛ فمن أهم أهداف البعثه هو التحلی بالأخلاق الفاضله، لما روی عن رسول الله(ص): «إنَّما بُعِثتُ لِأُتَمِّمَ مَکارِمَ الأخلاقِ»، وعنه(ص) قال: «إنَّ اللّهَ بَعَثَنی بِتَمامِ مَکارِمِ الأخلاقِ، وکَمالِ مَحاسِنِ الأفعالِ».

وفی عصر سیطرت الأخلاق التجاریه والمادیه الجشعه على الحیاه العامه فإن المجتمعات الإنسانیه بحاجه ماسه للعوده إلى أخلاق الإسلام وقیم الإسلام ومبادئ الإسلام، والاقتداء بسیره رسول الله(ص) والتأسی به، تطبیقاً لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ کَانَ لَکُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَهٌ حَسَنَهٌ لِّمَن کَانَ یَرْجُو اللَّهَ وَالْیَوْمَ الْآخِرَ وَذَکَرَ اللَّهَ کَثِیرًا﴾.

بقلم الباحث فی الشؤون الفکریه والاسلامیه “الشیخ عبدالله الیوسف”

المصدر: alyousif.org

لینک کوتاه : https://rahyafteha.ir/ar/?p=7382

نوشته مماثلة