• امروز : جمعه, ۷ اردیبهشت , ۱۴۰۳
  • برابر با : Friday - 26 April - 2024
0

التوبه بین القرآن والسنه المطهره

  • کد خبر : 4844
  • 11 اردیبهشت 1401 - 8:51
التوبه بین القرآن والسنه المطهره

اللَّهُ أَنْ یُخَفِّفَ عَنْکُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِیفًا﴾ [النساء: ۲۸]، قد شرع له باب التوبه، یلجأ إلیه بعد ارتکاب الذنب والضلال وفی أیّ وقت، وهیأ له ما ینجیه بعد وقوعه فی المحرمات .

حسب موقع رهیافته ( قاعده البیانات الشامله للمسلمین الجدد و المبلّغین و المهتدون)و الله تعالى فتح  باب التوبه للإنسان کی لا یتمادى فی المعصیه؛ ولایصیبه القنوط من رحمه الله، فالقلب کلّما استشعر رحمه الله تعالى تاب إلیه، وسنتحدث هنا بإیجاز عن تعریف التوبه وأنواعها، وشروطها ، ثم التوبه فی القرآن الکریم وأحادیث رسول الله(ص) وأئمه الهدى علیهم السلام، ثم ما ذکره الحکماء والعرفاء بشأنها.

۱. تعریف التوبه:

التوبه لغه: تدلّ على الرّجوع، والتّوب: ترک الذّنب على أجمل الوجوه، وهو أبلغ وجوه الاعتذار([۱]].

التوبه فی الاصطلاح: قال الرّاغب: التّوبه فی الشّرع: ترک الذّنب لقبحه والنّدم على ما فرط منه والعزیمه على ترک المعاوده، وتدارک ما أمکنه أن یتدارک من الأعمال بالإعاده([۲]).

وقال الجرجانیّ: التّوبه هی الرّجوع إلى الله بحلّ عقده الإصرار عن القلب، ثمّ القیام بکلّ حقوق([۳]).

وبذلک، فإن التوبه فی الشّرع هی النّدم على معصیته من حیث هی معصیه، مع عزم ألّا یعود إلیها إذا قدر علیها، ولذلک ورد فی الحدیث «النّدم توبه».

۲. شروط التوبه:

التّوبه من الذنوب واجبه، وشروطها متعدده، حتى تکون مقبولهً عند الله سبحانه وتعالى، ویمکن بیان هذه الشروط وإجمالها فیما یأتی:

۱. الإقلاع عن الذنوب وترکهاصغیرها وعظیمها.
۲. الندم والحزن على فعلها.
۳. العزم الصادق على الترک وعدم العوده إلیها أبدا.
۴. إذا کان الذّنب أو المعصیه متعلّق بحقّوق الناس، فعلى المذنب أن یبرأ من حقّ صاحبه؛ ویجب أن یتوب من جمیع الذّنوب.

والقرآن الکریم عندما وضع هذه الشروط، إنما أراد بها أن تتحقق التوبه، ونصحها، وصدقها، فقد قال الله تعالى:﴿وَالَّذِینَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَهً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَکَرُوا الله فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا الله وَلَمْ یُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ یَعْلَمُونَ (۱۳۵) أُولَئِکَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَهٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِینَ فِیهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِینَ (۱۳۶)﴾ [آل عمران].

أما أن یکتفی بالإعتراف دون أن یعاهد الله على عدم العود، أو دون الإجتهاد فی ذلک؛ فإنه نوع من السخریه بالتوبه.. وقد سمى رسول الله(ص) وأئمه الهدى تلک التوبه بتوبه المستهزئین، ففی الحدیث عن رسول الله(ص) أنه قال: (التائب من الذنب کمن لا ذنب له، والمستغفر من ذنب وهو مقیم علیه کالمستهزئ بربه) ([۴])

وقال تعالى فی آیه أخرى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِیعاً أَیُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: ۳۱]، أی ارجعوا إلى الله من هوى نفوسکم، ومن وقوفکم مع شهواتکم وحظوظکم، عسى أن تظفروا ببغیتکم فى المعاد، وکی تبقوا ببقاء اللَّه فى نعیم لا زوال له ولا نفاد.

۳.التوبه فی القرآن:

أمر الله تعالى بالتوبه النصوح کما أورد ذلک فی قوله: ﴿یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَهً نَصُوحاً عَسَى رَبُّکُمْ أَنْ یُکَفِّرَ عَنْکُمْ سَیِّئَاتِکُمْ وَیُدْخِلَکُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ یَوْمَ لا یُخْزِی اللَّهُ النَّبِیَّ وَالَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ یَسْعَى بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَبِأَیْمَانِهِمْ یَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّکَ عَلَى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ﴾ [التحریم:۸]، فوصف التوبه بالنصح.. أی أنها خالصه لله تعالى مجرده، لا تتعلق بشئ، ولا یتعلق بها شئ، وهو الإستقامه على الطاعه، من غیر روغان إلى معصیه، کما تروغ الثعالب، وألا یحدث نفسه بذنب متى قدر علیه، وأن یترک الذنب لأجل اللَّه تعالى خالصا لوجهه، کما ارتکبه لأجل هواه مجمعا علیه بقلبه وشهوته، وقال تعالى فی آیه أخرى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِیعاً أَیُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: ۳۱]، أی ارجعوا إلى الله من هوى نفوسکم، ومن وقوفکم مع شهواتکم وحظوظکم، عسى أن تظفروا ببغیتکم فى المعاد، وکى تبقوا ببقاء اللَّه فى نعیم لا زوال له ولا نفاد.

والاقتداء بالنبی(ص) الذی کان یتوب إلى الله تعالى دائماً، قال -علیه السلام- عن نفسه: (واللَّهِ إنِّی لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَیْهِ فی الیَومِ أکْثَرَ مِن سَبْعِینَ مَرَّهً)،[٢] والتوبه لیست محصوره بالمسلم العاصی فقط؛ إنّما تتعدّى إلى غیر المسلم أیضاً فی حال أراد أن یُسلم؛ فیبدّل الله -تعالى- سیئاته حسنات، قال -عزّ وجلّ-: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَـئِکَ یُبَدِّلُ اللَّـهُ سَیِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَکَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِیمً].[٣][۴]

ولذلک أخبر الله  عن توبته على أشرف خلقه، وأخبر رسول الله(ص) عن مسارعته کل حین للتوبه، وذلک لا یعنی سوى الترقی فی مراتب الکمال، الذی یشعر صاحبه بقصوره فی الدرجه التی کان فیها.

فحقیقه التوبه تتمثل فی الرجوع إلى الله، وتصحیح الأخطاء والتقصیر والغفله، کما أنها تشمل ذلک الشعور الذی یعتری المقربین؛ فیجعلهم یستغفرون الله، ویتوبون إلیه، لا لذنب اقترفوه، ولا لغفله طرأت علیهم.. وإنما لذلک الحیاء والهیبه التی تعتریهم فی صحبه ربهم؛ فتشعرهم بجلاله وجماله وکماله؛ فلا یملکون معها إلا الانحناء تواضعا له، وشعورا بالتقصیر فی حقه.

۴.التوبه فی الأحادیث الشریفه:

بما أن المرجع فی التعرف على الحقائق والقیم هی المصادر المعصومه، دون غیرها من المصادر المختلطه التی حذر رسول الله a من دخنها، سنعود إلى تلک المصادر التی تذکر التوبه، وبالرجوع إلى أئمه الهدى الذین أمرنا باتباع هدیهم، وحمایه دیننا من وساوس الشیطان وإلهاماته بهم، لوجدنا عندهم الحقائق التی لم تتدنس، ولم تتبدل، ولم تعرض لها الأهواء.

وفی الحدیث عن رسول الله(ص) أنه قال: (إن المؤمن یرى ذنوبه کأنه قاعدٌ تحت جبل یخاف أن یقع علیه، وإن الفاجر یرى ذنوبه کذباب مر على أنفه، فقال به هکذا بیده فذبه عنه]، ثم قال: (لله أفرح بتوبه عبده المؤمن من رجل نزل فی أرض دویه مهلکه معه راحلته علیها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومه، فاستیقظ وقد ذهبت راحلته فطلبها، حتى إذا اشتد علیه الجوع والعطش، قال: أرجع إلى مکانی الذی کنت فیه فأنام حتى أموت، فوضع رأسه على ساعده لیموت، فاستیقظ فإذا راحلته عنده علیها زاده وشرابه، فالله أشد فرحا بتوبه العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده)([۵])

وقال الإمام علی علیه السلام: (العجب ممن یقنط ومعه الممحاه..فقیل له: (وما الممحاه ؟).. قال: (الاستغفار)([۶])

وقال: (تعطّروا بالاستغفار، لا تفضحکم روائح الذنوب)([۷])

وقد روی أن بعضهم قال بحضور الإمام علی(ع): (أستغفر الله)، فقال له الإمام علی: (ثکلتک أمّک، أ تدری ما الاستغفار؟ إنّ الاستغفار درجه العلّیّین، وهو اسم واقع على ستّه معان: أوّلها النّدم على ما مضى، والثّانی: العزم على ترک العود إلیه أبدا، والثالث: أن تؤدّی إلى المخلوقین حقوقهم حتّى تلقى الله أملس لیس علیک تبعه، والرابع: أن تعمد إلى کلّ فریضه علیک ضیّعتها فتؤدّی حقّها، والخامس: أن تعمد إلى اللحم الّذی نبت على السحت فتذیبه بالأحزان حتّى تلصق الجلد بالعظم وینشأ بینهما لحم جدید، والسادس: أن تذیق الجسم ألم الطاعه کما أذقته حلاوه المعصیه، فعند ذلک تقول: أستغفر الله) ([۸])

وشبه الإمام علی علیه السلام المستغفر بالمستعمل للدواء؛ فإذا کان یستعمله، ویسرف على نفسه بما یسبب له المرض، فإنه لن یشفى أبدا، لأن غرض الاستغفار هو العوده إلى الله، لا مجرد حرکه اللسان، فقد روی عنه أنه قال: (الذنوب الداء والدواء الاستغفار، والشفاء أن لا تعود) ([۹])

وعن الإمام الرضا علیه السلام أنه قال: (مثل الاستغفار مثل ورق على شجره تحرّک فیتناثر، والمستغفر من ذنب ویفعله کالمستهزئ بربّه) ([۱۰])

وقال علیه السلام: (سبعه أشیاء بغیر سبعه أشیاء من الاستهزاء: من استغفر بلسانه ولم یندم بقلبه فقد استهزأ بنفسه، ومن سأل الله التوفیق ولم یجتهد فقد استهزأ بنفسه، ومن استحزم ولم یحذر فقد استهزأ بنفسه، ومن سأل الله الجنّه ولم یصبر على الشدائد فقد استهزأ بنفسه، ومن تعوّذ بالله من النار ولم یترک الشهوات فقد استهزأ بنفسه، ومن ذکر الله ولم یستبق إلى لقائه فقد استهزأ بنفسه) ([۱۱])

وعن الإمام الصادق(ص) أنه قال: (رحم الله عبدا لم یرض من‏ نفسه أن یکون إبلیس نظیرا له فی دینه، وفی کتاب الله نجاه من الردى، وبصیره من العمى، ودلیل إلى الهدى، وشفاء لما فی الصدور فیما أمرکم الله به من الاستغفار مع التوبه، قال: ﴿وَالَّذِینَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَهً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَکَرُوا الله فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا الله وَلَمْ یُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ یَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: ۱۳۵]، وقال: ﴿وَمَنْ یَعْمَلْ سُوءًا أَوْ یَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ یَسْتَغْفِرِ الله یَجِدِ الله غَفُورًا رَحِیمًا﴾ [النساء: ۱۱۰]، فهذا ما أمر الله به من الاستغفار، واشترط معه بالتوبه والإقلاع عمّا حرّم الله، فإنّه یقول: ﴿إِلَیْهِ یَصْعَدُ الْکَلِمُ الطَّیِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ یَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ۱۰]، وهذه الآیه تدلّ على أنّ الاستغفار لا یرفعه إلى الله إلّا العمل الصالح والتوبه] ([۱۲])

وقد ذکر الإمام الصادق(ع) درجات التوبه.. وأنها تشمل جمیع النفوس، وفی کل المراحل، فقال: (کل فرقه من العباد لهم توبه.. فتوبه الأنبیاء: من اضطراب السر.. وتوبه الأولیاء: من تلوین الخطرات.. وتوبه الأصفیاء: من التنفیس.. وتوبه الخاص: من الاشتغال بغیر الله.. وتوبه العام: من الذنوب، ولکل واحد منهم معرفه وعلم فی أصل توبته، ومنتهى أمره)([۱۳])

وقال الإمام الصادق(ع): (مَن أُعطی أربعا لم یُحرم أربعا: (مَن أُعطی الدعاء لم یُحرم الإجابه.. ومَن أُعطی الاستغفار لم یُحرم التوبه.. ومَن أُعطی الشکر لم یُحرم الزیاده.. ومَن أُعطی الصبر لم یُحرم الأجر)([۱۴])

۵. التوبه عند الحکماء والعرفاء:

وهکذا اتفق الحکماء على ذلک، وقد قال بعضهم فی ذلک: (التوبه نعمه من الله أنعم بها على هذه الأمه دون غیرها ولها أربع مراتب: فالأولى: مختصه باسم التوبه، وهی أول منـزل من منازل السالکین، وهی للنفس الأماره، وهذه مرتبه عوام المؤمنین: وهی ترک المنهیات، والقیام بالمأمورات، وقضاء الفوائت، ورد الحقوق، والاستحلال من المظالم، والندم على ما جرى، والعزم على أن لا یعود.. والمرتبه الثانیه، الإنابه: وهی للنفس اللوامه، وهذه مرتبه خواص المؤمنین من الأولیاء. والإنابه إلى الله: بترک الدنیا، والزهد فی ملاذها، وتهذیب الأخلاق، وتطهیر النفس بمخالفه هواها، والمداومه على جهادها. فالنفس إذا تحلت بالإنابه دخلت فی مقام القلب واتصفت بصفته، لأن الإنابه من صفات القلب، قال تعالى:﴿مَنْ خَشِیَ الرَّحْمَنَ بِالْغَیْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِیبٍ﴾ [ق: ۳۳].. والمرتبه الثالثه: الأوبه، وهی للنفس الملهمه، وهذه مرتبه خواص الأولیاء. والأوبه إلى الله من آثار الشوق إلى لقائه، فالنفس إذا تحلت بالأوبه دخلت فی مقام الروح. ومن أمارات الأواب المشتاق: أن یستبدل المخالطه بالعزله، ومنادمه الأخدان بالخلوه، ویستوحش عن الخلق ویستأنس بالحق، ویجاهد نفسه فی الله حق جهاده ساعیاً فی قطع تعلقها عن الکونین.. والمرتبه الرابعه: وهی للنفس المطمئنه، وهذه مرتبه الأنبیاء وأخص الأولیاء]([۱۵])

وقال آخر: (التوبه على ثلاثه أقسام: أولها من الخطأ إلى الصواب، وثانیها من الصواب إلى الأصوب، وثالثها من الصواب ذاته إلى الحق.. فالتوبه من الخطأ إلى الصواب: کقوله تعالى: ﴿والَّذینَ إِذا فَعَلوا فاحِشَهً أوظَلَموا أَنْفُسَهُمْ ذَکَروا اللَّه فاسْتَغْفَروا لِذُنوبِهِمْ﴾.. والتوبه من الصواب إلى الأصوب: هی ما قاله موسى علیه السلام: ﴿تُبْتُ إِلَیْکَ﴾.. والتوبه من النفس إلى الحق: ما قاله النبی: (وإنه لیغان على قلبی وأنی لأستغفر الله فی کل یوم سبعین مره)([۱۶]))([۱۷])

وقال آخر: (التوبه على ثلاثه أقسام: توبه بالأقوال، وتوبه بالأفعال، وتوبه بالأحوال.. توبه العوام: من النیات.. وتوبه الخواص: من رؤیه الحسنات.. وتوبه خواص الخواص: مما سوى الله.. وفوق ذلک: فناء وبقاء)([۱۸])

ولهذا ذکروا أن للتوبه ارتباط بکل المنازل، ذلک أن کل من ترقى درجه من الدرجات، یکتشف القصور الذی کان فی المنازل التی کان فیها، فیبادر إلى إصلاحها، ویستغفر الله من تقصیره فیها، وقد قال بعضهم فی ذلک: (کل المقامات تفتقر إلى التوبه: فالتوبه: تفتقر إلى توبه أخرى بعدم نصوحها.. والخوف: یفتقر إلیها بحصول الأمان والاغترار.. والرجاء: بحصول القنوط والایاس.. والصبر: بحصول الجزع.. والزهد: بخواطر الرغبه.. والورع: بتتبع الرخص أوخواطر الطمع.. والتوکل: بخواطر التدبیر والاختیار والاهتمام بالرزق.. والرضا والتسلیم: بالکراهیه والتبرم عند نزول الأقدار.. والمراقبه: بسوء الأدب فی الظاهر وخواطر السوء فی الباطن.. والمحاسبه: بتضییع الأوقات فی غیر ما یقرب إلى الحق.. والمحبه: بمیل القلب إلى غیر المحبوب.. والمشاهده: بالتفات السر إلى غیر المشهود، أوباشتغاله بالوقوف مع شیء من الحس وعدم زیاده الترقی فی معاریج الأسرار، ولذلک کان یستغفر فی المجلس سبعین مره أو مائه)([۱۹])

وقال آخر: (مقام التوبه: هو من المقامات المستصحبه إلى حین الموت ما دام مخاطباً بالتکلیف أعنی التوبه المشروعه، وأما توبه المحققین فلا ترتفع دنیا ولا آخره، فلها البدایه ولا نهایه لها)([۲۰])

وقال آخر: (إن درجات القرب إلى الله تعالى لا نهایه لها فی الدنیا ولا فی الآخره، والصحیح أنه لا وصول إلى الله تعالى أبداً، وإنما الجمیع سائرون إلیه من الأزل إلى الأبد. ومقام التوبه: هو الدخول فی هذا السیر مع هؤلاء السائرین. وما ثم إلا رفع حجاب ومصادفه حجب أخرى خلفها. والتجلیات لا نهایه لها، والحجب لا نهایه لها، والکشوفات لا نهایه لها) ([۲۱]) .

۵.الخاتمه:

نخلص بعد هذا العرض الموجز إلى النتائج التالیه:

۱. التوبه فی الشّرع هی النّدم على کل معصیه صغیره کانت أو کبیره، مع العزم ألّا یعود إلیها إذا قدر علیها.
۲. التّوبه الصحیحه لابد أن تتوفر على شروط أهمها الإقلاع عن المعصیه، والندم على فعلها، والعزم على الترک وعدم العوده إلیها أبدا، وإذا کان الذّنب أو المعصیه متعلّق بحقّوق الناس، فعلى المذنب أن یبرأ من حقّ صاحبه.
۳. ورد فی القرآن الکریم الآیات الکثیره التی تحث على التوبه وتبین شروطها، ومثل ذلک ورد فی السنه المطهره عن رسول الله a وأئمه الهدى علیهم السلام.
۴. اهتم الحکماء والعرفاء ببیان شروط التوبه وحقیقتها، ولذلک لا یخلو کتاب من کتبهم من الحدیث عنها وعن منازلها وکیفیه تحققها.

#########################
([۱])  مقاییس اللغه (۱/ ۳۵۷).
([۲])  مفردات الراغب (۷۵).
([۳])  التعریفات للجرجانی (۷۴).
([۴])  ابن ماجه (۴۲۵۰ ).
([۵]) البخاری (۶۳۰۸) ومسلم (۲۷۴۴)
([۶])أمالی الطوسی ص۵۴.
([۷])أمالی الطوسی ص۲۳۷.
([۸]) نهج البلاغه حکمه ۴۰۹ ص ۱۲۸۱
([۹]) غرر الحکم ص ۷۹
([۱۰]) اصول الکافی ج ۲ ص ۵۰۴.
([۱۱]) کنز الکراجکی ج ۱ ص ۳۳۰
([۱۲]) تفسیر العیّاشی ج ۱ ص ۱۹۸
([۱۳]) مصباح الشریعه، ص۹۷.
([۱۴])الخصال ۱/۹۴.
([۱۵]) إسماعیل حقی البروسوی، تفسیر روح البیان، ج ۱ ص ۱۳۸.
([۱۶]) رواه مسلم ج: ۴ ص: ۲۰۷۵.
([۱۷]) د. قاسم غنی، تاریخ التصوف فی الإسلام، ص ۳۱۴، ۳۱۵.
([۱۸]) علی الکیزوانی، زاد المساکین إلى منازل السالکین، ص ۲۶.
([۱۹]) أحمد بن عجیبه، معراج التشوف إلى حقائق التصوف، ص ۵، ۶.
([۲۰]) ابن عربی، الفتوحات المکیه، ج ۲ ص ۱۴۲.
([۲۱]) عبد الغنی النابلسی، أسرار الشریعه أوالفتح الربانی والفیض الرحمانی، ص ۱۲۱، ۱۲۴.

بقلم الباحثه والکاتبه الجزائریه “الدکتوره نورا فرحات”

اکنا

لینک کوتاه : https://rahyafteha.ir/ar/?p=4844