حسب موقع رهیافته ( قاعده البیانات الشامله للمسلمین الجدد و المبلّغین و المهتدون)ولا تشعر الکاتبه “سامان جافید” بالراحه عند الذهاب إلى المسجد، وترى أن هذا الإحساس یشارکها فیه العدید من المسلمات فی بریطانیا، وذلک لیس لأنها مرت بتجربه سلبیه أو تم إبعادها أو بسبب أی شیء من العقیده الإسلامیه، وإنما لنشأتها مع اعتقاد راسخ أن المساجد مخصصه للرجال. ومع أن والدها وإخوتها کانوا یذهبون إلى مسجد الحی کل أسبوع، کانت أختها وأمها تمتنعان عن ذلک، لکنها لم تسأل أبدًا عن السبب.
وتحدثت الکاتبه جافید -فی مقال لها نشرته صحیفه “الإندبندنت” (independent) البریطانیه- عن تجربتها وتجارب نساء مسلمات أخریات فی مساجد المملکه المتحده، فتقول “أتخیل أن السجاده فی مسجد الرجال ناعمه ومزخرفه وأن المصلى مشرق ومتجدد الهواء، ثم أفکر فی مصلى النساء فتعیدنی ذاکرتی إلى غرفه صغیره ذات إضاءه خافته”.
المساجد تسمح للنساء بالصلاه فی المناسبات
ووفقًا لآخر الإحصاءات التی جُمعت عام ۲۰۱۷، یوجد نحو ۱۷۹۵ مسجداً فی جمیع أنحاء المملکه المتحده، ۷۲% منها تخصص مرافق للنساء، فی حین تسمح بعض المساجد للنساء بالصلاه فیها خلال المناسبات الدینیه الإسلامیه فقط، مثل رمضان وعید الفطر وعید الأضحى، على عکس الخدمات المقدمه للرجال لأداء کل صلاه من الصلوات الخمس فی المسجد کل یوم من أیام السنه.
ویشیر دلیل “مسلمی بریطانیا” لمساجد المملکه المتحده إلى أن بعض المرافق المخصصه للنساء یتم أحیاناً تسخیرها للرجال خلال فترات الذروه، وأن بعض الأماکن لا یمکن للأشخاص ذوی الاحتیاجات الخاصه الوصول إلیها.
وضع المرافق المخصصه للنساء غیر مناسب
وتتذکر فایزه حسین (۲۲ عامًا) -اسم مستعار- من لندن أنها خرجت لتناول العشاء مع صدیقاتها فی منطقه بادینغتون، وعندما ذهبت للصلاه فی مسجد فی بریک لین، تم إرشادها وصدیقاتها إلى مصلى أسفل درج مظلم وضیق، حیث کان مکان الصلاه غرفه فی الطابق السفلی.
وتقول فایزه “کانت السجاده رطبه وشعرت أنها غُمرت بالمیاه”، کما کانت مرافق النساء المخصصه للوضوء فی حال سیئه ولم تتم صیانتها. کان المکان إضاءته سیئه، لدرجه أن إحداهن کادت أن تنزلق وتسقط”.
بعد فتره وجیزه من بدء الصلاه، قاطعهن مسؤول المسجد وأخبرهن أنه یجب علیهن المغادره لأنه من الأفضل للمرأه أن تصلی فی البیت. وهذا الرأی الذی یتبناه الموظف لیس عالمیًا، إلا أنه مقبول إلى حد کبیر فی معظم مساجد دیوباندی. وبما أنها تشکل معظم أماکن العباده فی المملکه المتحده، فقد کان لهذا تأثیر دائم على شعور النساء تجاه ارتیاد المساجد المحلیه.
حملات لشمول النساء فی الصلاه بالمساجد
وتطرقت الکاتبه إلى ما جاء فی تقریر أصدرته فی مارس/آذار الماضی مؤسسه “فایبرنت سکوتیش موسکس” (Vibrant Scottish Mosques)، وهی منظمه تقوم بحملات من أجل شمول النساء فی المساجد، وقد وجدت أن الغالبیه العظمى من النساء شعرن أن المسجد مکان مخصص للرجال، ویشعرن أنه غیر مرحب بهن وغیر مرغوب فیهن.
بالنسبه للبعض، یبدأ هذا الشعور بالعزله عند باب المسجد. زارت جولی صدّیقی مسجدًا محلیًا خلال شهر رمضان، فأخبرها رجل عند البوابه الرئیسیه أن مدخل النساء قد حُوِّل إلى أسفل زقاق مظلم. تقول جولی “کان الأمر مریعا. لم أرغب فی السیر هناک وحدی. الجغرافیا کلها، والعقلیه کلها موجهه للرجال. وهذا یحتاج إلى التغییر”.
وأضافت أن بعض تجاربها فی المساجد جعلتها تشعر وکأنها عبء، “فإعطاؤک مساحه من الدرجه الثانیه، حیث لا تعرفین القبله أو إذا ما کان الإمام بدأ فی التلاوه أم لا، أمر مروع. إنه شعور محزن للغایه. ثم یتساءل الناس لماذا لا ترتاد النساء المساجد؟”، تقول جولی.
مبادره “افتح مسجدی”
وتحدثت الکاتبه عن مبادره “افتح مسجدی”، وهی مبادره توثق التجارب الجیده والسیئه لاستخدام المساجد فی المملکه المتحده، استطلعت مؤخرًا آراء أکثر من ۳۰۰ مسلم ومسلمه بریطانیین حول التحسینات المطلوبه داخل المساجد. ووفقًا للنتائج المؤقته التی تمت مشارکتها مع “الإندبندنت”، قال ۷۵% إن المساجد یجب أن تتغیر لتصبح أکثر ترحیبا بالنساء، فی حین قال ۴۵% إنهم -أو شخصا یعرفونه- مروا بتجربه سلبیه واحده على الأقل فی مسجد بسبب کونهم نساء. بالإضافه إلى ذلک، قال ۸۵% إنهم یریدون أماکن للصلاه متاحه دائمًا للرجال والنساء على حد سواء، لیس فقط فی المناسبات الإسلامیه الرئیسیه، بینما قال ۶۸% إنهم یعتقدون أن إدارات المساجد لا تقدر بشکل کاف احتیاجات المصلین.
وقالت أنیتا نیار، المؤسس المشارک فی المبادره، “لا ینبغی الاستخفاف بمدى أهمیه وجود مساحه للصلاه بالنسبه للمرأه. یُطلب من المسلمین الصلاه ۵ مرات فی الیوم کونها رکنا أساسیا من أرکان الإسلام. وأظهر بحثنا أن هذا هو الشیء الأول الذی یرید الناس أن یکونوا قادرین على القیام به. فهناک قلق یأتی من تفویت الصلاه. عندما لا یمکننا الوصول إلى مسجد ولیس لدینا مکان للصلاه، فإن ذلک یضر بصحتنا الروحیه. على الأقل یجب أن نکون قادرات على القیام بواجباتنا الدینیه، لأن هذا یحدد یومنا، ویربطنا بالله”.
المساجد فرصه تعلم حقیقیه للرجال وللنساء
ومع إغلاق أماکن العباده فی جمیع أنحاء المملکه المتحده بسبب جائحه کوفید-۱۹، أدرک العدید من الرجال تأثیر عدم وجود مساحه مشترکه.
قالت ساهره دار -مؤسِّسَه فایبرنت سکوتیش موسکس- “أدرک الرجال فجأه الدور المهم للمساجد، لکننا نحن النساء، کنا نعلم دائمًا أننا لا نملک ذلک. وفی حین شعر الرجال بالفراغ الذی أحدثه الوباء، تخیلوا الفراغ فی حیاه النساء بقیه الوقت. لقد کانت فرصه تعلم حقیقیه”.
وأکدت الکاتبه أن العدید من النساء یترددن فی التحدث بصراحه عن هذه القضیه، خشیه إلقاء ضوء سلبی على المساجد، الأمر الذی یمکن أن یخلق تصورًا -غیر حقیقی- معادیًا للإسلام بأنه یضطهد المرأه فی ظل انتشار الإسلاموفوبیا. فقد کان المسلمون هدفًا لـ۲۷۰۳ جرائم کراهیه دینیه العام الماضی، أی ۴۵% من جمیع الجرائم المسجله فی المملکه المتحده فی ذلک العام.
إضافه لذلک، وجد تقریر صادر عن مرکز مراقبه وسائل الإعلام التابع للمجلس الإسلامی البریطانی أن ۶۰% من المقالات على الإنترنت تصور المسلمین بشکل سلبی.
ضمان زیاده الفرص للنساء المسلمات
وتعتقد المجموعات النسائیه أن المفتاح لجعل أماکن العباده أکثر شمولاً هو زیاده وجود النساء فی المجالس واللجان الاستشاریه للمساجد. فی حین أن البیانات المتعلقه بعدد النساء فی إداره المساجد غیر متوفره، یقول الخبراء إن هذا الأمر نادر للغایه. لا بد من وجود لجنه نسائیه یمکنها تقییم الوضع ومعرفه ما هو مفقود. ستکون هناک فجوات دائمًا، ویجب أن تکون هناک مشارکه من النساء المسلمات لرؤیتهن. ویدعم هذا الرأی المجلس الإسلامی البریطانی، الذی یقول إنه یشجع المزید من الحوار البناء والمقاربات التی ترکز على الحلول لضمان زیاده الوصول والفرص للنساء المسلمات.
وأشارت الکاتبه إلى أنه فی أعقاب الشکاوى المرفوعه ضد مسجد بریک لین، قام أعضاء مجلس الإداره بإصلاح مصلى النساء.
یوضح معروف أحمد، إمام المسجد، أن مدخل النساء بات الآن بجوار مدخل الرجال، وهناک سلالم تأخذک مباشره إلى المصلى، مضیفًا أنه یأمل فی توظیف النساء باللجنه الاستشاریه فی المستقبل القریب. إن التغییر له بالفعل تأثیر مضاعف. وفی حین شهد المسجد سابقًا مجموعات من ۳ أو ۴ نساء فقط فی صلاه العید، فقد رحب فی وقت سابق من یونیو/حزیران الجاری بتجمع من ۵۰ امرأه.
المصدر: الجزیره نت
